رواية ألف شمس ساطعة، من الروايات التي ناقشها مؤخراً بيت السرد في ورشة من ضمن ورشاته بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، رواية نقدية صادقة، مفرطة في ذكوريتها ومتنطعة في استخدام الدين. صدرت عام 2007 للكاتب الأفغاني خالد حسيني، وهو من مواليد سنة 1965 في كابل.
لديه (4) روايات:
1- روايته الأولى: عداء الطائرة الورقية. صدرت عام 2003.
2- وروايته الثانية: ألف شمس ساطعة. صدرت عام 2007.
3- وروايته الثالثة: ورددت الجبال الصدى. صدرت عام 2013.
4- وروايته الرابعة: صلاة البحر. صدرت عام 2018.
تدور أحداث الرواية في مدينة هِرات وكابل، في أفغانستان، خلال الفترة الزمنية من عام 1959 إلى عام 2003. منذ ولادة مريم ابنة نانا، الأبنة غير الشرعية، حتى وفاتها وانتهاء القحط ثم الحياة الكريمة التي تعيشها ليلى مع حبيبها طارق والأبناء.
حقيقةً الروائي خالد حسيني يمتلك قدرات سردية كبيرة، يجنح في أحيانٍ إلى استعارة أدوات الشعر. لديه قدرة في التحكم بخيوط اللعبة السردية بشكل جيد، جعلته قادراً على المناوبة بين لحظات السرد ونقل الأحداث باحترافية وإظهار تفاوت مسالك الناس. حيث صوّر للمتلقي بشك دقيق كيف تتشابك علاقة الأسرة وتتنافر بسبب شخصية الرجل، هذه الشخصية إذا كانت شهوانية فإنها تثير الخلافات داخل الأسرة، مثل شخصية جليل ورشيد. أو تكون شخصية دينية معتدلة كشخصية الملا «فيض الله». أو شخصية حكيمة كوالد ليلى «حكيم» المتعلم الناضج، أو شخصية عاطفية كشخصية حبيب ليلى «طارق»، أو شخصية كاذبة كـ (عبد الشريف) الذي أبلغ ليلى بوفاة طارق. أو شخصية منكسرة كشخصية أبو نانا الذي تبرأ منها وهاجر خارج البلاد. أو شخصية لئيمة كـ «وكيل» الرجل الذي حاولت ليلى أن يكون شهماً معها لعبور نقطة التفتيش غير أنه أبلغ الشرطة عنها.
هناك مقولة لأحد الحكماء وتعدد ذكرها ومصادرها، تقول: خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق آدم وجعل فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت عليه شهوته عقله التحق بالبهائم.
رواية «ألف شمسٌ ساطعة» حكاية متكاملة لـ حياة مريم من بدايتها إلى نهايتها، تقدم مواقف ومناسبات مرتبطة ببطلة القصة مريم. حيث ولدت في هِرات عن طريق علاقة غير شرعية بين جليل وخادمته نانا، والتي ُوصفت بعدها (بإبنة الحرام)، بعد ذلك أُجبرت مريم على الزواج من رشيد لغرض الخلاص منها وابعادها عن الأنظار، فتعيش معه في مدينة كابل البعيدة جداً، كالنفي تماماً مثل ما تم نفي الأم نانا ومريم في «الكُلبه» أو الكوخ في الجبل. بعد ذلك تزوج رشيد من امرأة أخرى وهي ليلى التي كانت جارة لها، فتتقاسم مريم وليلى ذات الهموم، وقساوة الرجل والمجتمع، فما كان من مريم إلا التضحية بنفسها وقتل رشيد (زوجها) بـ (الجاروف) المعول، الرجل الظالم والعنيف لكي تمهد الطريق لحياة كريمة لليلى والأبناء، وتتحمل هي الجريمة لوحدها.
الرواية ليست غريبة عن مجتمعات دول العالم الثالث، خصوصاً العالم العربي والإسلامي، حيث السلطة الذكورية المجحفة تجاه المرأة، وسوء استخدام الدين، وغلبة العادات والتقاليد على السياسة العامة للبلاد.
خالد حسيني كاتب كبير، لا مراء في قدراته اللغوية والحكائية، كان موضوعياً في الطرح، بأسلوب الروائي الخارجي، ناقش أحداثا واقعية في مجتمعه لا زالت بحاجة إلى الحل. وسوف تطرح أعماله سينمائياً قريباً.
الرواية تتسنم الابداع وترتقي إليه في كثير من جوانبها، وتشكل إضافة للسرد في أفغانستان، والمرجو أن تسهم هذه الرواية في أن تتجاوز أفغانستان محنتها بعقليات رجال ونساء يمتازون بالوعي والرقي.
سعد أحمد
* كاتب من السعودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق