تلجأ الإماراتية "أسماء الزرعوني" في روايتها "شارع المحاكم" الصادرة عن "اتحاد كتاب وأدباء الإمارات "بوزارة "الثقافة والشباب وتنمية المجتمع" عام 2014، تلجأ إلى التوثيق الاجتماعي لواقع حياة معاش في ستينات وسبعينات القرن العشرين، وهو ما يعتبر بداية التمدن، وكيف قابل المجتمع هذا التحول، عن طريق ما أشارت إليه الروائية وحكته لنا ظروف الشخصيات والبناء الدرامي في الرواية، وشيء من السخرية المبطنة من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم من علية القوم وغيرهم دون ذلك.
تحدثت
عن ذلك التوثيق عبر عدة وسائل. منها التعليم (الأمية، ثم مدارس الثانوية، كليات
الشرطة، الابتعاث للدراسة بالخارج؛ سواء في القاهرة وأمريكا) اتضح هذا في جيل الأم
والأب الجيل الذي لم يتعلم، بينما الأبناء سواء ذكور أو إناث ينخرطون في السلك
التعليمي.
أيضاً
الكاتبة استخدمت وسيلة أخرى نتيجة لهذا التمدن، وهي البيئة المدنية "العمرانية"
(تطور الطرق، والمحال التجارية، والمباني والفلل)، وهذا اتضح في الطرق غير المعبدة
الصحراوية بين الشارقة والإمارات الأخرى، وبين الشارقة وصحار في سلطنة عمان. ثم
تعبدت حين كنا نشاهد الفتيات يخرجن بالسيارة إلى الأسواق، شارع الزهراء، ومحلات
بيع الإلكترونيات والمطاعم، وبيع أشرطة الكاسيت (محمد عبده، هاني شاكر) والمكتبات
وبيع الكتب (روايات يوسف السباعي)، وطيبة البياعة ومقارنة أم سلطان بضاعتها
بالبضائع الجديدة في الأسواق الكبيرة. وكذلك البطلة سلوى حين تجولت في آخر الليل
بسيارتها بعد زفاف ابنتها "العنود" في
المدينة وأشارت لشارع المحاكم كيف كان وإلى أين انتهى مقارنة بشوارع أخرى.
وانتقالهم من منزلهم في "فريج الشويهيين" إلى حي أرقى،
وصديقتها زهرة انتقلت من حي قديم إلى حي القادسية.
تأتي
أغلب الأحداث من خلال تسليط الضوء على شخصية البطلة "سلوى" وسعيها
وصديقاتها لتحقيق حياة سعيدة مع فتى أحلامهن، سلوى بنت خليفة الرواس وحفيدة الطواش
"تاجر اللؤلؤ" وفتى أحلامها الخادم سيف. وزهرة وفتى أحلامها السائق
عبدالرحمن. وشيخة وفتى أحلامها صالح المصري. وموزة وفتى أحلامها وليد العراقي.
في
الحقيقة يظهر أن "أسماء الزرعوني" لم تتحامل على أحد وال لصالح كفة على
حساب كفة أخرى، رغم التعاطف بعض الشيء لبنات جنسها، لكنه لم يكن تعاطف ملاحظ..
والسبب في ظني أن قصص الحب والغرام في الرواية لم يكن فيها بطولات كبيرة للفتيان
تجعل الفتيات يحببنهم بهذه الطريقة، فكأنها تقول "حب سن المراهقة"، ربما
المظلومة الوحيدة في الرواية هي "فهدة" التي حَمِلت من خطيبها، رغم عقد
القران بينهما، إلا أن خطيبها مات قبل حفلة الزفاف، مما استدعى عائلتها إلى الهجرة
ثم التخلص من المولودة بوضعها في صندوق بجانب أحد أبواب البيوت في حي الشويهيين.