الأربعاء، 9 يناير 2013

التكنيك الروائي

عندما يلتقط أحدنا رواية من إحدى الروايات المصطفة على الأرفف، ثم يبدأ في قراءتها، لا شك أنه سيخرج بانطباع معين عن كيفية تناول الكاتب للموضوع، وبأي أسلوب من الأساليب كتب به الكاتب روايته. بعض الروايات تنتهي بمجرد أن تصفح بآخر ورقة من الرواية، والبعض ترسخ في البال مدد طويلة. 

منها ما يحزنك وربما يبكيك، ومنها ما يبهجك ويضحكك لدرجة أن يصل بك الأمر إلى أن تقهقه، وأخر تجرحك وتسيل دمك. وثمة ما يشعرك بأن هناك قذارة في مكان ما. كما أن هنالك ما يضيف لمكنوناتك المعرفية معارف جديدة، وغيرها ما يستطيع أن يحصف اللغة التعبيرية بإطار حديث. 

في نظري أن كل هذا جميل في العمل الروائي، يثبت أن أولئك بشر وهم مختلفون، وبصماتهم مختلفة، حتى نبراتهم مختلفة، وفي الحقيقة أن المهارات الكتابية في مضمونها هي أيضاً متعددة الطرائق، لذا نجد في كل زمن تولد مهارة مختلفة، بخلاف ما هو منظور ومعلوم في الأدب الروائي سابق التدوين، من مهارة التتابع، ومهارة التناوب، إلى مهارة الخليط بين هذا وذاك. 

والبداية من النهاية باسلوب الفلاش باك، والنهاية من البداية، إلى أسلوب الحلقي الدرامي. لذا ونحن نقرأ رواية ما، ربما نستنتج أن موضوعها حيوي وفي منتهى الأهمية، لكن الكاتب، من وجهة نظرنا، أنه لم يتناوله بطريقة صحيحة. 

بينما في رواية أخرى لب القصة يميل إلى التفاهة لكن ثمة مقدرة معرفية وثقافية للكاتب مكنته من الكتابة بأسلوب مشوق مبني على مهارة متمثلة في أداء كتابي ذوقي رفيع. لو نظرنا لفريق كرة قدم، اثنين وعشرين لاعب، يغطون خانات متعددة، الدفاع، والظهير، والوسط، والجناح، ثم رأس الحربة الذي هو هجوم. لكل من هؤلاء أسلوب مختلف في عرض مهاراته لأن تصل الكرة إلى مرمى الخصم، وسواء انتصر الفريق أم لم ينتصر، تجد من ضمن اللاعبين هنالك لاعب قد تميز بمهارة مميزة، وبأسلوب حركي فريد. 

لذا في البطولات الرياضية، نلاحظ أنه بعيد نهاية كل مباراة يتم تكريم أحسن لاعب، وإن كان فريقه ضعيف، لكنه هو الماهر بين كل هؤلاء. في الحقيقة هذا دافع لاستغلال ميكانيكية الحركة وتنفيذها بنجاح. مثلها مثل مسابقات أفضل رواية، التي في واقع الأمر أنها ستعود بالنفع على مستقبل الإرث الأدبي والثقافي. وبالمجمل فإن الأداء والأسلوب يختلف من شخص لآخر، ومدى أهمية الطرح تختلف باختلاف التكنيك (الأداء المهاري) في الكتابة الروائية، فهو الأداء الفردي الخاص والمؤثر جداً، وبمعزل عن قيمة الموضوع، فهو أيضاً يكسب المتلقي شعور ما، وإن اختلفت الآراء والثقافات. 

بمعنى أفضل أنه لو تضامن التكنيك الجيد مع الموضوع الجيد مع الثقافة الجيدة، فهذا مما لا يدع مجالاً للشك أنه سيعقب ذلك فكر مؤثر، ليس هذا فحسب بل ومبدع.

سعد أحمد ضيف الله 

الاقتصادية

سعد أحمد ضيف الله الوعي يعني سمع، أي وعت أذنه صوتاً، وهو الفهم، أي المحصول الفكري الذي ينضوي عليه العقل. والواعي هو حاضر البديهة، ولديه تواص...